تعدد الإمكانات ومستقبل العمل والتوظيف

تعدد الإمكانات ومستقبل العمل والتوظيف

تميزت الفترة الأخيرة بظهور مصطلح تعدد الإمكانات كإشارة للأشخاص الذين يملكون مهارات وإمكانات متعددة Multipotentialite.

لكن لأي درجة يمكن لأولئك الأشخاص أن يتكيفوا مع سوق العمل التقليدي؟

كيف أثروا في سوق العمل الحر وظهور الشركات الناشئة والاقتصاد الإبداعي الجديد؟

ولماذا يجب على الشركات أن تعيد التفكير جدياً في تغيير بيئتها لتتمكن من احتوائهم والحفاظ عليهم؟

إننا نعيش في عالم متصل لأبعد حد، مليء بالفوضى وكل شيء فيه يتم على نحو أسرع من المعتاد. وعلى صعيد عالم الأعمال فإن هناك تغييرات هائلة جعلت من استخدام الاستراتيجيات المدروسة والاعتماد عليها فقط أمراً غير كافياً.

ما تعلمناه عن إدارة الأعمال وممارستها لم يعد كافياً أيضاً. فمن أجل النجاح وسط كل هذه التغييرات غير المتوقعة، فإن المؤسسات أصبحت بحاجة إلى سلالة جديدة من الموظفين القابلين للتكيف والذين يستطيعون تغيير مسارهم وتعلم مهارات جديدة للتعامل مع ما هو غير متوقع.

هناك اتجاه بأن النجاح التنظيمي في المستقبل القريب سيتم قياسه من خلال قدرة المؤسسة على التطور في الوقت الفعلي والاستجابة للتغيرات في السوق العالمية.

وحسب مركز أبحاث Stretch العالمي فإنه في المستقبل القريب (20 عاماً تقريباً)، سيتم تنفيذ جميع الأعمال في جميع المؤسسات بواسطة مجموعة من العمال ذوي المهارات المتعددة –إلى جانب الروبوتات الذكية- والذين سيكونون مسؤولين أمام بعضهم البعض، وليس أمام مدراءهم.

حيث يفترض أيضاً بأن الاقتصاد الإبداعي الجديد سوف يعتمد على براعة القوى والإمكانات المتعددة.

من هو متعدد الإمكانات Multipotentialite؟

متعدد الإمكانات أو Multipotentialite ليست بكلمة جديدة ولكن أعيد اكتشافها مؤخراً من قبل إيميلي وابنيك Emilie Wapnick في TEDx. إنها كلمة واحدة وتعني الكثير من المهارات والمؤهلات.

لدى أصحاب الإمكانات والقدرات المتعددة اهتمامات متنوعة ضمن العديد من المجالات وعادةً ما يكونوا قادرين على النجاح في العديد منها. حيث يبدأ الشخص بالاهتمام بشيء ما، يتعلمه جيداً بحيث يشعر بالملل ومن ثم يتجه لشيء آخر بعد ذلك.

من ناحية أخرى، فإن هذا الميل إلى القيام بشيء ما وإتقانه لفترة من الوقت ومن ثم الالتفات إلى شيء جديد ومختلف يمكن أن يشكل تحديًا كبيرًا لأولئك الذين يتمتعون بإمكانات متعددة. وإذا كان الشخص قادراً على إدارة هذا التنوع وحب الاستكشاف مع وجود أهداف واضحة، فإنه يمكن أن يكون من أفضل الأشخاص الذين يمكن أن تعمل معهم.

متعددي الإمكانات والموارد البشرية ضمن الشركات الكبيرة

يمثل الأشخاص متعددو الإمكانات تحدياً للعاملين في مجال الموارد البشرية التقليدية، لإن سعي هذا الشخص لمواجهة تحديات جديدة يشكل مصدر قلق كبير للموارد البشرية في الشركات التي تحاول جاهدة اجتذاب المواهب الموثوق بها والاحتفاظ بها.

في إحدى الدراسات التي أجرتها Business Insider على 225 من المدراء التنفيذيين للشركات، عبّر 22% منهم برغبتهم في تأسيس شركاتهم الخاصة. وهو في الحقيقة عدد متزايد على الصعيد العالمي وعبر مجالات مختلفة. إن حب تبديل الوظائف والقيام بشيء جديد أدى أيضاً إلى ظهور الاقتصاد الحر، كما أصبح مصطلح اقتصاد العربة Gig Economy إحدى أشهر المصطلحات الرائجة الآن.

إننا نشهد ظهور العديد من الشركات الرقمية الصغيرة حيث كان مؤسسيها يعملون سابقاً في شركات كبيرة ومتعددة الجنسيات. هذا الجيل الجديد من المؤسسين لا يخلقون فقط منتجات وخدمات مبتكرة ولكنهم أيضاً يجدون طرقاً جديدة لإنجاز الأمور أي طريقة جديدة للعمل.

براين أكتون وجان كوم، مؤسسا واتساب WhatsApp، يمكن تصنيفهما على أنهما متعددا الإمكانات. لقد تركوا وظائفهم الناجحة في ياهو Yahoo في 2007، ورُفضت وظائفهم في فيسبوك Facebook، فأنشأوا WhatsApp في عام 2009، والذي اشترته Facebook مقابل ما يزيد عن 19 مليار دولار في عام 2014. خلال هذه الفترة، تعلموا مجموعة واسعة من المهارات الجديدة مثل كيفية تطوير برامج لنظام التشغيل iOS وكيفية إنشاء شركة جديدة وجمع الأموال.

يتفق جميع مدراء الموارد البشرية على أن القوى العاملة اليوم، وخاصة جيل الألفية، يحتاج لأكثر من مجرد عمل ومهنة، إنهم يريدون تجربة. ويتم الآن تكليف الموارد البشرية في الشركات الكبيرة بخلق تجارب مقنعة لإبقاء موظفيها سعداء ومرتبطين بها. بمعنى أن وظيفة مدير الموارد البشرية تطورت من الاحتفاظ بالأشخاص وإدارتهم إلى إنشاء مكان عمل يجذب الأشخاص المتحمسين ليحافظوا عليهم هناك.

كيفية اكتشاف الأشخاص متعددي الإمكانات

إحدى أهم الطرق لنجاح المنظمات في المستقبل هو خلق بيئة تمكّن الأفراد من التعبير عن مهارتهم ومواهبهم واهتماماتهم في سياقات متعددة.

ولعل البداية تكون بتحديد أولئك الأشخاص الموهوبين والمبدعين في الشركة وفهم ما يحفزهم وما لا يحفزهم.

وفيما يلي 5 صفات تساعد في تحديد أولئك الأشخاص والتعريف إليهم:

وضع المشاكل بإطارها المناسب: حيث يكون الشخص قادراً على تأطير وإعادة صياغة المشكلة من وجهات نظر مختلفة، وهي مهارة مطلوبة في أوقات التغيير وعدم اليقين، حيث يمكن الوصول إلى حل برؤى مختلفة عن التفكير المعتاد.

التكرار والتجريب: يؤدي التكرار إلى إحداث تغييرات سريعة ومتعمدة بناءً على الملاحظات، بينما تساعد التجارب في التحقق من صحة الأفكار المبتكرة.

التعاطف والتخيل: بدون الخيال والتعاطف لا يمكن لأية عمل أن ينجح في النظم الإيكولوجية المعقدة والمتقلبة.

التواصل المرئي: إن وجود القدرة على استخدام الأدوات المرئية للتواصل يساعد على تكوين تفاهم مشترك عبر الفريق، كما تساعد في إعادة صياغة المشكلات والحلول ليتمكن الآخرون من رؤيتها والمشاركة بها.

التعاون: تحتاج معظم المشكلات التي تواجه الشركات اليوم إلى التفكير بعدة تخصصات، الأمر الذي يتطلب وجود أولئك الأشخاص الذين يمكنهم العمل في عدة مستويات وبمختلف التخصصات والتعاون في تقديم خدمات ومنتجات جديدة.

كيفية تطوير الأشخاص متعددي الإمكانات وتحسين مهاراتهم

قبل عشر سنوات مثلاً، لم يكن الموظفون بشكل عام مهتمين بفرص التعلم والتطوير. ومع ذلك، فقد تغير العالم وأصبح التعلم والتطوير طريقة مهمة لبناء الحياة المهنية.

بدون تعلم أشياء جديدة أو إتقان المهارات الحالية، سيبدأ متعددو الإمكانات بالتذمر من العمل، وذلك نتيجة عدم وجود تحديات كافية في العمل، وفي النهاية سيتركون عملهم ويبحثون عن عمل جديد في شركة جديدة.

أما اليوم، فإن جميع الموظفين (وليس فقط أولئك الذين يمتلكون مهارات وقدرات متعددة) يدركون أن قابلية التوظيف في المستقبل تعتمد بشكل أساسي على التعلم والتطوير المستمر.

المصادر:

هذا المقال ترجمة بتصرف لسلسة مقالات من Stretch.

1، 2، 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top